"الكازينو" يعيد إحياء مجد نبع الصفا مدخل الشوف!

فوق ترابها المجبولة بالتاريخ، كتبت أسطورة الموت والحياة. من أرضها النقية، تتفجر ينابيع الخير شلالات أعطت البلدة جزءا من اسمها والكثير من الجمال.

تعتبر بمناخها إحدى البلدات النموذجية في لبنان التي تتوالى فيها فصول السنة محملة بنسمة باردة ولكن مليئة بالصحة والدفء. تتواجد فيها إحدى أهم المحميات الطبيعية في الشرق التي تحتضن تنوعا بيولوجيا غنيا بالأشجار والنباتات المختلفة من عشرات الأنواع. هي واحدة من أجمل بلدات الشوف، هي عين زحلتا – نبع الصفا.

تقع بلدة عين زحلتا – نبع الصفا في قضاء الشوف في محافظة جبل لبنان، تبعد عن العاصمة بيروت 39 كيلومتراً وترتفع عن سطح البحر ما بين 1100 و1220 مترا.

تعتبر البلدة نموذجية من حيث المناخ حيث تتراوح الحرارة ما بين ال 5 و25 درجة مئوية خلال السنة. تتمتع البلدة بجمال ساحر خصوصا مع وجود محمية أرز الشوف، بالإضافة الى تواجد غابة كبيرة من أشجار الصنوبر المعمّرة التي جعلت من البلدة مقصداً لمحبي الطبيعة ومتنفس للباحثين عن الهواء النقي البعيد عن تلوث المدينة.

تتميز البلدة بوجود العديد من البيوت والكنائس الأثرية القديمة بالإضافة الى العديد من الينابيع على رأسها نبع الصفا الذي يتميز بشلالاته الغزيرة في منطقة الشوف.

يرجح أن تكون كلمة "عين زحلتا" عائدة الى الكلمة الإغريقية والتي تعني "عين الله". وبحسب الأساطير اليونانية القديمة فالإله زحل خسر المبارزة مع الإله الفينيقي تاميراز على نبع الصفا وأضحت البلدة على اسمه وحرفت مع الوقت لتصبح عين زحلتا، أما "عين الصفا" فتعني الربيع النقي.

هي مدخل الشوف تتميز ببيئتها النظيفة وأكبر غابة أرز في لبنان تتبع للمحمية. تتميز بغزارة المياه فيها أبرزها نبع الصفا الذي يسقي تقريبا أغلبية قرى الشوف الساحلي وقرى عاليه وهناك القنا معروفة بقنا المير الذي حفرها آنذاك "أخوت شناي". المعروف أن أهاليها أهل الكرم، وهي بلدة العيش الواحد لأنها تتخللها الطائفتين المسيحية والدرزية.

محمية أرز الشوف

110 هكتارات هي مساحة غابة أرز عين زحلتا في محمية أرز الشوف. تشكل 5 في المئة من مساحة لبنان وتضم 25 في المئة من غابات الأرز المتبقية. تتميز بتنوعهاالبيولوجي لأكثر من خمس نباتات و24 نوعا من الأشجار. وهناك 50 نوعا من الطيور المهاجرة من والى أفريقيا وأنواع كثيرة من الحيوانات.

الصنوبر

أشجار الصنوبرالمعمّرة التي يزيد عددها عن 25000 ألف شجرة ويعمل المزارعون على حمايتها من التسوس. وهذه الثروة تعطي منظراً رائعاً وتنقي الهواء.

الزراعة ذات الجودة العالية

وتشتهر نبع الصفا أيضا بأفخر أنواع الفاكهة أبرزها التفاح، الدراق، الكرز والخوخ. وعين زحلتا غنية بهذه الأطايب كونها غنية بالمياه، بحيث قيل أنه كان هناك معرض زراعي بقام سنويا ويأتي المزارعون ليتباهوا بأجود أنواع الفاكهة وعند اختتام المعرض توزع الشهادات التقديرية.

محترف عساف

لا يبعد نبع الصفا تسعة كيلومترات عن محترف عساف الذي قام بإنشائه أهم النحاتين في لبنان والشرق الأوسط.

الأماكن الأثرية

هناك كنائس تعود الى العام 1860 أسسها المرسلون الانكليز الإضافة الى الكنيسة الانجيلية وكنيسة مار نقولا وكنيسة السيدة. هناك قصر عمره 120 سنة وهناك المدينة الكشفية التي كانت تعج بالفنادق في الماضي ومحط اصطياف للداخل والخارج.

نبع الصفا

يختصر اسم عين زحلتا نبع الصفا حكاية البلدة مع إحدى أهم ركائز الحياة البشرية وهي المياه فالبلدة مشهورة بالعديد من الينابيع وأهمها نبع الصفا التي تشتهر على جوانبه مجموعة من المطاعم اللبنانية ضمن محيط طبيعي ساحر.

وتتمتع المطاعم بجمالية الجسور والمطاحن القديمة منذ عهد فخرالدين وفيها المقاهي وينابيع القاع ونبع الرعيان الذي يسقي معظم بلدات قرى الشوف وعاليه وإقليم الخروب. أما نبع القاع الذي أخذ منه "أخوت شاناي" المياه وأوصلها الى دير القمر. بالإضافة الى جوانب الينابيع المقاهي والمطاعم المشهورة أبرزها الكازينو هناك أربعة مطاحن أثرية والبعض منها لايزال حتى اليوم فعالا.

"الكازينو"

أما أشهر المطاعم على الصفا فهو مطعم "الكازينو" الذي أنشئ بناء الى فكرة الرئيس كميل شمعون، بحيث دعي الأخير آنذاك من قبل وزير الأشغال ورئيس بلدية عين زحلتا نعيم مغبغب الى مأدبة غداء في أحد المطاعم الملاصقة للكازينو يدعى مطعم الجزيرة وكان مطعما بدائيا يتألف من أغصان الشجر.وبعد أن أنهوا الغداء ذهبوا ليتمشوا مع الرئيس شمعون على رأس النبع الى جانب نبع الصفا وقد أعجب الرئيس بالمناظر الطبيعية الموجودة فيها،مشيدا بالأشجار البرية التي يبلغ عمرها مئات السنين.

ومن هنا عرض عليه الرئيس فكرة إنشاء مطعم في عين زحلتاوسرعان ما نفذها الوزير مغبغب، بحيث تمّ توسيع الطريق والاستعانة بأهم مهندس آنذاك وهو متري نمّار الذي عمل على هندسة تصميم بلدية بيروت.

ويتميز المطعم بوجود مطحنة قريبة من مجرى المياه. كما تم الاستعانة بأشهر مدراء المطاعم الذين أتوا من سويسرا ليضحي أهم مطعم في المنطقة بخدمة عالية الجودة.

إشارة الى أن ملكية المطعم انتقلت عام 1989 الى الأستاذ رؤوف أبو زكي وشركاه.

من أهم الناس الذين كانوا يرتادون هذا المطعم هم من السواح المصريين والطبقة الأرستقراطية. وقد تم تصوير أبرز الأفلام المصرية في البلدة آنذاك أبرزها:

- الراهبة: تمثيل هند رستم، شمس البارودي وايهاب نافع.

- مصري في لبنان: سنة 1952 تمثيل كمال الشناوي ونور الهدى

- انتصار الشباب: سنة 1963 فريد الأطرش وصباح

أما الشعراء المصطافون فقد كتبوا أجمل القصائد المغناة على شكل موشحات شرقية وهي كالتالي:

فوق نبع الصفا

قد جلت منه دكاء الذهبا              يا نمير الماء يجري صببا

هامسا همسا يثير طربا               فوق شبه الدر أو أبهى جرى

يحلى رصعن أعطاف الربا          تحت جنات فسيحات زها

وشفاء حين نشكو الوصبا            أنت سلوان إذا الهم طغى

بهجة ردت شبابا ذهبا                ملئت نفسي بينبوع الصفا      

 

موشح شرقي

يا صفا العيش على نبع الصفا

حسب حظي منك ذكرى وكفى

لا رعى الله على الأرض الوفا

إن تكن تنسى عهودا بيننا

مقالات قد تثير اهتمامك