فنّانة على خطى المحكومين بالإعدام
 فنّانة على خطى المحكومين بالإعدام
 فنّانة على خطى المحكومين بالإعدام
 فنّانة على خطى المحكومين بالإعدام
 فنّانة على خطى المحكومين بالإعدام
 فنّانة على خطى المحكومين بالإعدام
 فنّانة على خطى المحكومين بالإعدام
 فنّانة على خطى المحكومين بالإعدام
 فنّانة على خطى المحكومين بالإعدام
 فنّانة على خطى المحكومين بالإعدام

فنّانة على خطى المحكومين بالإعدام

للمرة الثالثة تطلّ الرسامة والنحاتة والفنانة المعاصرة كارلا برشيني من معرض «بيروت آرت فير» الاخير وهذه المرة بعشرة اعمال (جناح «غاليري عويس»). احد هذه الاعمال بعنوان «اللاوعي»، ولعله تأملات الفنانة إثر رحلة حجّ من فرنسا الى كاتدرائية سانتياغو في اسبانيا عبر جبال البيرينه.

950 كيلومتراً قطعتها في 31 يوماً من السير على هذا الطريق الذي استُخدِمَ في القرون الوسطى بديلاً للاعدام حيث يخيَّر المحكوم بين الاعدام مباشرة أو الترك على هذا الطريق بلا مال او طعام. فإن وصلَ كاتدرائية القديس يعقوب أُعفي من العقوبة.

فعن ايّ ذنب كانت «تكفّر» الفنانة اللبنانية على تلك الطريق وهل ما تركته في اللوحة آثار الدرب او «نعمة» الخلاص؟ ألوان وخطوط وبقعٌ مقدار ما تضخ من نقاءٍ تخفي سواد الثلج الباطنيّ وتأوهات الارض. جبال وخطوطٌ/خطايا وجراح الذات المألومة تغذّ السير طمعاً بخلاص. لوحة تعبق بأنفاس الرحالة والمتسلقين والمحكومين الذين قضوا او نجوا هناك، وبتوقِ برشيني واندفاعةِ جسمها لمواصلة الطريق، الطريق الداخلي اوّلاً نحو الــ «هناك» الكامن في الاعماق وحسب.

عمل آخر ولكن من الفن المفهومي قدمته برشيني: سقفُ سيارة لعله من سلسلة «فلايينغ كاربت» التي باشرتها قبل اعوام. اجنحة صنعتها من الحديد بعد انتشاله من «مدافن السيارات» (هل نتذكر عنوان أرابال؟). تسعى الفنانة إذن الى ابتكارات تجريبية لقِطع من مواد قاسية وحية معاً كالخشب او الجلد، ولكن ايضاً من مواد شديدة القساوة كالحديد. تعثر على قطعة ما في محيط سكنها فتحملها الى محترفها، وهو جزء من منزلها في مار مخايل في الاشرفية. ثم تروح محاوِلةً ان تفهم سبب انجذابها اليها، كما تقول، لتتعلق بها وتحنو عليها اكثر كلما كانت القطعة، ولنقل درفة شباك مثلاً، «اكثر جراحاً ومهانة».

والدها حرّرها ورحلَ

منذ 8 اعوام لا تكلّ الفنانة عن الرسم والنحت والفن المعاصر وهي التي تخرجت في علم النفس من جامعة جينيف. لكن والدها الذي طلب منها على سرير الاحتضار ان تمضيَ بما يجعلها سعيدة، حرّرها من قيود. فسافرت الى فلورنسا لتعمل في النجارة وتدرس مع حرفيين مهرة ترميم الاثاث. هناك نحتت بالطريقة الكلاسيكية ولكنها كانت في الليل «تلعب الاعيبها» الفنية. في 2012 عودة نهائية الى بيروت حيث اقامت معرضها «ما بعد المادة» في منزل قديم الطراز في الجميزة. وبعد ثلاثة اعوام قدمت في معرضها الفردي الثاني اعمالاً من الخشب، البالونات، ولوحات الطبيعة والجبال التي لا تكفّ عن السير فيها مئات الكيلوميترات. «كل عناصر لوحاتي خفيفة وفي حالِ صعودٍ هي حالي منذ الصغر. عندما اجلس استطيع الا اضع قدميّ على الارض. لكن هذا لا يعني اني لا احب الجذور».

اعادة التناغم

باعت برشيني اعمالها منذ 8 اعوام في جينيف ولندن وفلورنسا وبيروت. ويسرّها تفاعل الذوّاقة معها حتى حين يفسرونها بغير ما رمت اليه. ليست فنانة عبثية ولو انتمى بعض اعمالها الى فنون ما بعد الحداثة. تقول ان محبّيها سيكتشفون بعد رحيلها ان هرّها ايضاً كان استاذها: «تعلمتُ الكثير منه منذ صغره، وهو يعمل معي. يقفز على اللوحات، يخربط الوانها فأعيد الاشتغال عليها ولكني احياناً اترك آثاره». بين القماشة واللون والمواد الصلبة ومساعدة الحيوان، تقدم كارلا برشيني معروضاتها التي يرجع الفضل فيها الى الكون وحياته بجميع تدفقاتها وابعادها واجناسها حيث الانسان جزء من رحابة الوجود الواسعة. لعل وظيفة الفن، اذا كانت له وظيفة غير مساعدة الفنان على اللعب، اعادة التناغم بين الانواع الحية. تناغم باتت تفتقده الطبيعة كما يفتقده البشر في القرن الاخير من عمر الارض.

مقالات قد تثير اهتمامك