كسر الصورة النمطيّة: ياسمينا الصبّاح، المايسترا اللّبنانيّة الرائدة

من فتاةٍ صغيرةٍ وعضو في نادي جوقة مدرسة الإنترناشيونال كولدج الموسيقيّة إلى قيادة الأوركسترا الفيلهارمونية في جامعة القديس يوسف، ياسمينا الصبّاح تكسر الصور النمطيّة.
متى تعلّق الأمر بأوركسترا وقائدها، يميل الناس تلقائيًا إلى التفكير في "المايسترو". إلّا أنّ أوّل ما سيتراود إلى أذهان الشعب اللّبناني من الآن فصاعدًا هو "المايسترا" ياسمينا الصبّاح.
تخصّصت ياسمينا، وهي شابّة لبنانيّة في الثلاثين من العمر، في التصميم الغرافيكي كما درست الموسيقى؛ غير أنّ شغفها للجوقات الموسيقية وللموسيقى الكلاسيكيّة قد دفعها للسفر إلى المملكة المتّحدة حيث تخصّصت في إدارة الجوقات الموسيقيّة في جامعة كامبريدج. عادت بعد تخرّجها إلى لبنان وهي تضع نصب عينيها هدف تقديم الموسيقى الكلاسيكيّة غير المعروفة إلى العامّة ونشر الوعي على نطاقٍ واسعٍ حول مجال الموسيقى الكلاسيكيّة، والجوقات الموسيقيّة، ومجموعات المؤلّفات المبتكرة.
وتقول ياسمينا: "تمامًا كما هي الحال بالنسبة لموظّف المصرف، ما من فرق بين تولّي رجل أو امرأة هذا المنصب"؛ مضيفة: "إنّ كسر الصورة النمطيّة في مجال الموسيقى الكلاسيكية والجوقات الموسيقيّة هو هدف أسعى إلى تحقيقه في لبنان، وحتّى في المنطقة كلّها".
ومنذ أن انطلقت ياسمينا في رحلتها المهنيّة في لبنان، واجهت بعض التحدّيات حيث لم يأخذها بعض الأشخاص على محمل الجدّ، لا بلّ شكّكوا بها متسائلين أين "المايسترو" مرارًا وتكرارًا، قبل أن يقتنعوا بأنّها السيدة "المايسترا". على الرغم من ذلك، لم تشكّل هذه المسألة أي عائق  البتّة في وجه مسيرتها المهنيّة، لا بلّ استمرّت في العمل بجهدٍ أكثر من أي وقتٍ مضى لتصل إلى ما هي عليه اليوم، ولتكون لها جوقتها الموسيقيّة الخاصّة التي تضمّ 80 فردًا ولتقود حفلها الأوّل مع الأوركسترا الفلهارمونيّة، باعتبار هذا الحدث سابقةً في لبنان وعرضًا نادرًا في مختلف أنحاء العالم.
يشهد قطاع الموسيقى الكلاسيكيّة في لبنان نموًا مع توفير فرص عمل رفيعة المستوى، إلّا أنّ الحاجة تدعو إلى زيادة الوعي في صفوف الأهالي والأولاد من أجل إدراك أن الموسيقى والفنون المسرحيّة بشكلٍ عامٍ يمكن أن تشكّل مجال عملٍ في لبنان. ثمّة حاليًا ثغرة في الأوركسترا الفيلهارمونية اللّبنانيّة حيث يمكن إيجاد عازفي الآلات الموسيقية اللبنانيين في أقسام الآلات الوتريّة أو البيانو وإنّما قلّما يتواجدون في الأقسام الأخرى. وتُعزى هذه الثغرة إلى نقص الوعي من مختلف الجهات، أي من الأهالي والأطفال والأهم من ذلك من المعهد الموسيقي بحدّ ذاته، حول الفرص التي قد تتوفّر للأطفال بعد التخرّج.
وتقول ياسمينا: "بصفتي طالبة في مدرسة الإنترناشيونال كولدج، وعضو في نادي الجوقة الموسيقيّة، أتاح لي هذا الأمر فرصة ممتازة ساعدتني في تحقيق شغفي للموسيقى للجوقة الموسيقية، والموسيقى الكلاسيكيّة والأهم من ذلك العمل الجماعي. لقد أدّت مدرسة الإنترناشيونال كولدج دورًا بارزًا في مسيرتي باتجاه ما حقّقته اليوم لأنّ نادي الجوقة الموسيقيّة والفنون المسرحيّة قد أتاح لي التعبير عن ذاتي، وتكريس نفسي بالكامل والسفر لاكتشاف مستويات وآفاق جديدة والسعي وراء الأفضل باستمرار".
ما من حدود للأهداف والأحلام، فإنّ كل ما يلزم من أجل وضع حجر الأساس لأي إنجاز في الحياة هو الشغف والعمل الذؤوب. يتمتّع لبنان بمجموعةٍ واسعةٍ من المواهب الخفيّة والمعلومة في مجالات مختلفة وإنّ هذه المواهب والهوايات قد تصنع فرقًا في بعض الأحيان في حياة الأشخاص وتحوّلها إلى حلمٍ حيث تكون وظيفتهم وحياتهم المهنية هي شغفهم الأكبر.

مقالات قد تثير اهتمامك