برعاية وزارة الثقافة، جمعية ريد أوك ومتحف "أوميرو"يفتحان أبواب المتاحف للمكفوفين

برعاية وزارة الثقافة، أطلقت اليوم جمعية Red Oak بالاشتراك مع متحف Omero الوطني في إيطاليا، مشروع "أبواب.الرجاء اللمس"(“Doors. Please Touch”) الذي يعتبر الأول من نوعه في لبنان والمنطقة.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقد في وزارة الثقافة برعاية الوزير د.غطاس الخوري​ ممثلاً بالمديرة العامة للمتاحف السيدة آن ماري عفيش. تحدث في المؤتمر إلى السيدة عفيش المسؤول عن المشاريع الخاصة في متحف Omero الوطني أندريا سوكراتي، ومؤسسة ورئيسـة جمعيـة "ريد أوك" د. نادين أبو زكي.

تناول المؤتمر الصحافي وسائل تسهيل دخول المكفوفين إلى المتاحف في لبنان. المشروع هو بالتعاون مع المتحف الوطني، متحف سرسق ومقام MACAM)).

عفيش

استهلت عفيش كلمتها بالقول: "بإسم معالي وزير الثقافة د. غطاس خوري، يشرفني أن أرحب بكم في وزارة الثقافة بمناسبة إطلاق  المشروع الجديد "أبواب. الرجاء اللمس" Doors. Please Touch. للمتاحف في لبنان، على غرار جميع المتاحف في العالم، رسالة تجاه المجتمع ألا وهي العمل من أجل تطويره وتثقيفه وترفيهه. لزاماً على المتاحف أن تكون مفتوحة ومهيّأة للجمهور. بما أن التراث الإنساني المادي وغير المادي يُنقل إلى المتاحف، من البديهي بالتالي أن يكون متاحاً للجميع. لطالما احترم لبنان مساندة المكفوفين والأشخاص الذين يعانون من إعاقات بصرية وذوي الإحتياجات الخاصة."

أضافت: "ولكن اليوم، ولأول مرّة، لمن دواعي سرورنا أن نتمكَّن من تطبيق نهج زيارة لهم بفضل تدريب علمي متخصِّص سيقدِّمه لنا متحفOmero  في أنكونا (إيطاليا) الممثل اليوم بالسيد أندريا سوكراتي  وبمبادرة من جمعية Red Oak الممثلة بمؤسستها ورئيستها السيدة نادين أبو زكي. في الواقع، لا يمكننا سوى أن نشكر كل من سيسمح لنا بتقديم خدمة أفضل لزائري متاحفنا من المكفوفين وذوي الإعاقات البصرية.

وختمت: "يبدي المتحف الوطني في بيروت إستعداده اليوم للمباشرة بهذا المشروع وتوسيع نطاق تطبيقه ليشمل، عند إستكمال تدريب الفرق، المتاحف الوطنية الأخرى لا سيما تلك الواقعة في مناطق بعلبك وجبيل وطرابلس وبيت الدين. إلى ذلك، سوف يتمّ دمج هذا التدريب في مشاريع إنشاء المتاحف الجديدة مثال: متحف تاريخ بيروت في وسط العاصمة ومتحف صيدا (قيد الإنشاء)،  ومتحف موقع صور الأثري والمشروع المستقبلي في دير القمر. الجدير ذكره أن هذا المشروع يطال أيضاً متاحف خاصة مثل متحف "سرسق"، ممثلا بالسيدة زينة عريضة، لمجموعة لوحاته من الفن الحديث والمعاصر، ومتحف "مقام"، ممثلاً بالسيد سيزار نمور، لمجموعة منحوتاته الغنية.

إن جميع متاحف لبنان مدعوّة للتعاون معنا في هذا التحدّي ألا وهو تمكين المكفوفين وذوي الإعاقات البصرية من تقدير أعمال بصرية بحتة. إنه أيضاً من دواعي إهتماماتنا وواجبنا إيجاد وسائل تواصل جديدة وتطوير مقاربة متعدِّدة الحواس لتمكين الجميع من إدراك تراثنا المشترك."

سوكراتي

ثم تحدث سوكراتي عن المراحل التي قطعها المتحف لتأسيسه والنشاطات التي قام بها على مجالات متعددة، وقال: "ولّد التقاء متحف أوميرو بمنظّمة Red Oak مشروع "أبواب، الرجاء اللمس" “Doors. Please Touch” الذي قدّمناه اليوم. يهدف المشروع إلى النهوض بالقيمة الاجتماعية والتربوية للإرث الثقافي من خلال مقاربة مبتكرة للإرث نفسه، بناء على تجارب متعدّدة الحواسّ وبشكل خاص تجربة اللمس، مع التركيز بصورة أساسية على الإدماج الثقافي والاجتماعي للأشخاص المعوّقين بصرياً من أجل تطوير سبل جديدة متاحة للجميع لمقاربة الإرث الثقافي".

أضاف: "اللمس محظّر عموماً في المتاحف. غير أنّ حاسّة اللمس هي أداة المعرفة الأساسية للمكفوفين، وبالتالي فإنّ حرمانهم من لمس الأعمال الفنية والقطع الأثرية والتحف يعني حرمانهم من الوصول إلى الإرث الثقافي".

وأشار الى أن "المشروع يسعى إلى تطوير مهارات ترمي إلى نشر خدمات تعليمية شاملة عبر جولات اللمس والتوصيفات السمعية وغيرها من التجارب المتعددة الحواس المصمّمة لتلبية حاجات المعوّقين بصرياً، إضافةً إلى ممرّات عبور متعدّدة الحواس ضمن المتحف ليستخدمها المكفوفون. إلاّ أنّ تطوير برامج في المتاحف للأشخاص المعوّقين بصرياً هو أمر فعّال لتجديد وتعزيز استراتيجيات المشاركة الجماهيرية".

ولفت الى أن "المدارس منخرطة في إنجاز الأنشطة التعليمية الشاملة حول الإرث الفني والثقافي. والمعوّقون بصرياً مشاركون في المشروع ليس كمتلقّين نهائيين لتجارب المتحف التي يمكن للمشروع الإسهام في خلقها، إنما كأبطال بحث يهدف إلى إلقاء الضوء على حاجاتهم وتوقعاتهم من الثقافة".

وأكد أن المشروع يرمي إلى "رفع التوعية في صفوف المربّين والمعلّمين وأفراد العائلة حول أهمية تعليم الفن للمعوّقين بصرياً من خلال استحداث أدوات واستراتيجيات تعليمية للتربية الفنية والجمالية للمكفوفين".

وختم: "يضمّ المشروع مراحل تطبيق عدّة، من تدريب الطاقم إلى الاستراتيجيات التعليمية في المدارس، ومن خلق ممرّات عبور قابلة للنفاذ في المتاحف إلى اقتراح أنشطة متعدّدة الحواس للجميع".

أبو زكي

بدورها، قالت أبو زكي: "إن جمعية Red Oak "ريد أوك"، التي تأسست في العام 2017 بهدف الترويج لأفكار جديدة من خلال التربية والفن والثقافة إنما ولدت من رحم التساؤلات التالية: في عالمنا الرقمي اليوم، هل يمكن للصورة أن تحلّ محلّ اللمس؟ هل ستكتفي أيدينا في المستقبل بمجرّد تلمّس لوحات مفاتيح؟ هل على الفنون التشكيلية أن تقتصر على تجربة بصرية؟ دفعتني الإجابة على هذه الأسئلة إلى النحت بعينين مغمضتين في الظلام الحالك".

أضافت: "تساءلت عن المكانة التي تحتلّها المحسوسات في الإبداع الفنيّ. وقد أظهرت لي هذه التجربة بأنّ الفنّ لا يتوجّه فقط إلى حاسةّ البصر، وإنّما تلمّس الأعمال الفنية يمكنه إثارة إنفعالات أشدّ قوّةً وعمقاً. والآن ماذا لو لمسنا لكي نرى؟ في الظلمة. وبرغم الظلمة. وماذا لو أعدنا استكشاف حواسّنا؟ ماذا لو أعدنا سوياً تحديد رموز الفنّ؟ هكذا دعوت الزوّار إلى كسر محرّمات "الرجاء عدم اللمس" في المتاحف من خلال تلمّس المنحوتات في الظلام  في "الرجاء اللمس"، وهو أداء تفاعلي أُطلق في العام 2014".

وتابعت: "من هنا حدث اللقاء مع متحف أوميرو الوطني الحسي. كان المتحف يستعدّ لنشر كتاب بعنوان: "الفنّ المعاصر واكتشاف قيم المحسوسات"، وقد تلقّيتُ اتصالاً من المتحف في العام 2017 لإدراج "الرجاء اللمس" في هذا الكتاب. وقد نُشر الكتاب للتوّ في الشهر الحالي، بتوقيع ألدو غراسيني، رئيس المتحف الذي هو بحدّ ذاته مكفوف، وأندريا سوكراتي"، متسائلة: "ماذا لو تخطّينا الحدود؟".

وقالت: "بعد أشهر عدّة، اقترحتُ على أندريا سوكراتي تعاوناً يجمع Red Oak بمتحف أوميرو وأطلقنا "أبواب، الرجاء اللمس" (Doors. Please Touch”) . وقد أتت رحلتي مؤخراً إلى أنكونا وزيارتي لمتحف أوميرو لتؤكّد بأنّ هذه الشراكة ستكون فرصةً تخوّل لبنان أن يكون مبتكرِاً في مجال الفنّ وأن يصبح من البلدان النادرة في العالم التي تسمح للجميع باختبار الرؤية الحسية اللمسية للفنّ".

ولفتت الى أن "أبواب، الرجاء اللمس" هو نتاج لقاء مع المكفوفين، أطفالاً كانوا أم شباباً أم راشدين. بل بالأحرى هي مجموعة لقاءات مؤثّرة مدّتني بقوّة كبيرة. منذ بداية العام، أطلقت جمعية Red Oak وفريقها المؤلّف من خبراء في مجال العمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة ومن فنانين محترفين برنامجاً للمعوّقين بموازاة برنامجها البيئي وفرقتها "فرقة أداء .(Red Oak Performing Troupe) Red Oak"  

وختمت: "نعد سوياً مع متحف أوميرو بأن نقدّم إلى المعوّقين بصرياً فرصة النفاذ إلى متاحف لبنان من خلال نظام توجيه عبر اللمس وأنشطة تربوية تلمّسية شمولية، كما أننا سنشركهم في تنفيذ المشروع الموجّه إلى المكفوفين وضعيفي البصر. نحن على قناعة بحقّ كلّ فرد بالتعبير الخلاّق وإمكانية المشاركة في الفنون كفنّان أو مشاهد. نتعهّد إذاً بتشريع أبواب الفنّ للجميع تمكيناً لتطوير القدرات الاستثنائية المنطوية على رؤية/تقدير الفنّ وممارسته ولضمان المساواة بين الجميع في الوصول إلى التراث الثقافي".

مقالات قد تثير اهتمامك