جرم الاعتداء الجنسي على الأطفال وتأثيراته

يتّفق الجميع على أنّ من يقوم بالاعتداء الجنسي على الطّفل أو التحرّش به هو شخص مريض يعاني من اضطراب خطير للغاية ويطلق عليه صفة (Pédophile)، لكن هذا لم يشفع فيه أو يجعلنا نغضّ النّظر عن جريمته غير الأخلاقية وغير الاجتماعية وتبريرها.

يشعر هذا الشّخص بالانجذاب الجنسي نحو الأطفال، وينتظر الفرصة المناسبة للعبور والقيام بأي فعل جنسي تجاه الطّفل، سواء بفعل الاغتصاب أو بأيّ ملامسات جسديّة تكون مصدرا لشعوره باللّذة.

لكن ومع كلّ هذه الأمور، لا بد من طرح إشكاليّات عدة ألا وهي:

كيف يبدأ الاعتداء الجنسي على الأطفال؟ وما هي مؤشّراته وتأثيراته النّفسية والجسديّة على الطّفل؟  كيف يمكننا تحذير أطفالنا؟ إليكم الجواب تباعاً:

تبدأ القصّة بلقاءٍ تعارفيٍّ يلتقي أثناءه الرّاشد بالطّفل/ ة، ويُخبره كم هو جميلٌ أو كم أنّ ثيابه جميلة. ومن الممكن أيضاً أن يقوم في اللّقاء الأوّل أو الثّاني، بتقبيل الطّفل على وجنتَيْه وبمداعبة شعره أو يدَيْه، ثمّ يُخبره أنّه يودّ أن يكونا صديقَيْن.

أحياناً، يطلب المتحرّش من الطّفل أن يبقى هذا اللّقاء سرّاً بينهما، وألاّ يُفْصِح عن أيّ تفاصيلَ لأهله. بعض الأشخاص يُخطّط للتّحرّش بالطّفل في لقاءَيْن أو أكثر، فيما يندفع بعضهم الآخر من دون تخطيط، فيَعْبُر إلى الفعل بمداعبة الأماكن الحميمة في الجسم أو بفعل الاعتداء الجنسيّ. ولمّا كان الطّفل دون الثّامنة من العمر لا يفهم شيئاً ممّا حدث أو يحدث، فإنّ المُعتدي يلجأ إلى الحيلة لكي يُقنع الضّحيّة بإبقاء ما حصل سرًا بينهما.

ما الذي يحلّ بالطّفل؟

بعد فعل الاعتداء، قد يتزايدا الألم الذي عانى منه الطّفل أثناء تعرّضه للتّحرّش أو بعده.

وهذا الأمر مُرتبطٌ بالأسلوب المُتّبع من المعتدي الذي قد يكون عنيفاً، فيسبّب له معاناةً جسديّةً مهمّة، أو مُسالماً، بحيث يستدرج الطّفل للقبول بالملامسات وحتّى بفعل الاغتصاب في مراحل التّمهيد الطّويلة واستخدام الحيلة.

مؤشّراتٌ نفسيّةٌ عدّة:

إنّ الأمر شديد الدّقّة والخطورة ومرتبط بمؤشّراتٍ نفسيّةٍ عدّةٍ أهمّها:

  • الاكتئاب.
  • الميول إلى العُزلة.
  • عدم الرّغبة في اللّعب مع الأطفال.
  • آلام البطن.
  • التّلميح للأهل أو إخبارهم بتفاصيلَ تتعلّق بالحادثة.

ويترك الإعتداء لدى الطّفل وفي جميع الأحوال، عواقبَ نفسيّةً قد لا تظهر على المدى القصير، وإنّما عند بلوغهم مرحلة المراهقة أو حتّى سنّ الرّشد. لذلك مِن الضّروريّ أن يستشير الأهل الطّبيب فورًاً عند رؤية يستشيروا على العضو الذّكريّ لدى الصّبيّ أو أيضاً عند المؤخّرة. بالإضافة إلى التّكلّ مع أحد الإختصاصيين بعد مدّةٍ وجيزةٍ من الحادثة، لكي يتمكّنوا من مرافقة الولد بطريقةٍ صحيحةٍ بالتّحدّث إليه بأسلوبٍ مُتفهّم ٍومُطمْئن، يُجنبّه الإحساس بالذّنب.

إذ إنّ تعامل الأهل مع الموضوع على أنّه كارثةٌ وإظهارهم الهلع تزيد من فظاعة الأمر ومن قوّة الآثار إلي يتركها في الطّفل.

من المهمّ أيضاً، بحسب عمر الطّفل، أن نُخبره بأنّ النّوايا السّيئة لا توجد لدى كلّ الأشخاص الرّاشدين، وأن نساعده لكي يؤمن بوجود أناسٍ طيّبين لا يتمنّون له السّوء.

المُصالحة مع الجسد:

لم تقتصر المُتابعة النّفسيّة على سنوات الطّفولة فقط أو على المرحلة التي تلي فوراً فعل الاعتداء، بل هي شديدة الأهميّة في منتصف مرحلة المراهقة حيث يكون الطّفل قد كَبُرَ وازدادت لديه الحاجة بالتصالح أكثر مع جسده وأن يفهم أحاسيسه الجسديّة، وحيث يجب أن يُوجَّه بالطّريقة الصّحيحة. ومن المهمّ أن نعرف أنّ كلّ هذه الأمور تختلف بحسب العمر الذي تعرّض فيه الطّفل للاعتداء، ومرتبطة أيضاً بدرجة التّحرّش .

إلى أيّ مدى علينا أن نُحذّر أولادنا من الآخر؟

الصّراحة بين الطّفل وأهله، وعدم اتّباع الأسلوب الدّيكتاتوريّ أو المتسلّط، وتجنّب ترهيب الطّفل ومعاقبته في كلّ مرّةٍ يُخبرهم فيها حقيقةً تتعلّق بحدثٍ حصل معه أو بتصرّفٍ قام به، تمنحهم الشّعور بالارتياح تجاه ذويهم والثّقة بهم وبردّات فعلهم، ما يجعل الإفصاح عن الحقائق سهلاً مهما كانت أليمة.

أمّا تحذير الطّفل مهمّ لكن بشرط أن يكون في جوٍّ من الطّمأنينة، وهو مقتصر على التّعليمات الآتية:

  • لا تدع أحداً يلمسك "هنا"، مع الإشارة إلى الأماكن الجسديّة الحميمة أثناء الاستحمام.
  • لا تدع أيّ شخصٍ غريبٍ لا تعرفه يُمسك بيدك أو يُجْلِسك على فخذَيْه أو يُقبّلك (نستثني الأقرباء الذين نثق بهم مثل الجدّين، والخال، والعمّ، وغيرهم....)
  • لا تأخذ قطعة حلوى أو شوكولا من أحدٍ لا تعرفه.
  • لا تذهب في نزهةٍ مع شخصٍ لا تعرفه، أو مع أيّ شخصٍ من دون أخذ الإذن من "ماما" أو "بابا".

إذا أراد أحدٌ أن ينزع ثيابه ويريك جسمه عليك أن تُخبر بابا أو ماما بالأمر.   

وختامًا نشدّد على أنّ إحساس الأولاد بالأمان مع أهلهم وعدم الخوف منهم، وشعورهم أنّهم لن يتوقّفوا عن حبّهم مهما حصل، أمورٌ أساسيّةٌ تحثّهم على اعتماد أسلوب الصّراحة معهم والتّحدّث إليهم بمواضيعَ عدّة، مهما كانت تتطلّب من جرأة.

 

 

مقالات قد تثير اهتمامك